الحديث العشرون :
عني أبي بكرة أن أنتهي إلي النبي وهو راكع ، فركع قبل أن يصل إلي الصف فذكر ذلك للنبي فقال : ( زادك الله حرصا ) .
التعريف براوي الحديث :
اسمه : نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو ، وقيل : نفيع بن مسروح .
كنيته : أبو بكرة أمه : سمية مولاة الحارث بن كلدة .
إسلامة : وقد كان تدلي يوم الطائف من الحصن ببكرة ، وأتي إلي بين يدي النبي فأسلم ، وكني يومئذ بأبي بكرة .
ما قيل فيه : كان أبو بكرة كثير العبادة . وكان أولاده رؤساء البصرة شرفاً وعلماً وولاية .
روي أن ثقيفاً سألوا رسول الله أن يرد إليهم أبا بكرة عبداً ، فقال : ( لا هو طليق الله وطليق رسوله ) . وفاته : توفي سنة اثنتين وخمسين ، وقيل احدي وخمسين
الشرح والتحليل
ما إعراب وهو راكع ؟ وإلي من يرجع الضمير ؟ وعلام عطف الفاء في قوله ( فذكر ذلك ) ؟ وما المشار إليه ؟
إعراب ( وهو راكع ) : (هو) ضمير رجع إلي النبي مبتدأ ، وخبره ( راكع ) الجملة في محل
نصب حال .
( فذكر ذلك ) : الفاء عاطفة علي محذوف ، تقديره : فمشي راكعا ، فدخل الصف فصلي , ففرغ من صلاته ، فذكر ذلك ، و ( ذلك ) إشارة إلي ما فعله من الركوع دون الصف .
ما المنهي عنه بقوله : ( ولا تعد ) ؟ ولم ركع أبو بكرة قبل الصف ؟ ولماذا لم يزجره النبي علي ما فعل ؟ كيف يصوب النبي فعل أبي بكرة بقوله ( زادك الله حرصا ) ثم يخطئه بقوله ولا تعد ؟
المنهي عنه بقوله ( ولا تعد ) : إما الإنفراد عن الصف ، وإما التأني إلي هذا الوقت ، وإما الإسراع عند التحرم .
ركع أبو بكرة قبل الصف : حرصا علي إدراك الركعة جماعة .
لم يزجره النبي علي ما فعل : لما رآه من حرصه علي إدراك الجماعة معه .
لا منافاة بين تصويب الفعل في أول الكلام وتخطئته في آخرة بقوله ( ولا تعد ) : لأن كلا منهما محمول علي جهة ، فقد أقره النبي علي ما فعل حيث لم يخل بالواجبات والأركان في صلاته ، وأم نهيه فليس تخطئة ، لأنه لم يأت بما يفسد الصلاة وإنما هو إرشاد إلي ما هو أكمل وأليق بالمصلي ، حتى يراعي الأفضل في المستقبل ، ولو كان نهي تحريم لأمره بالإعادة .
ما حكم من أدرك الإمام وهو راكع فركع قبل أن يدخل الصف ثم مشي وهو راكع خطوة أو خطوتين حتى دخل الصف ؟
الجواب : صلاته صحيحة ولا تفسد ، لكن هذا الفعل مكروه لما فيه من تشبيه الإنسان نفسه في مشيه راكعا بالبهائم ، وهذا لا يليق بحال المصلي .
أذكر آراء الفقهاء في حكم صلاة المنفرد خلف الصف ؟
مذهب الجمهور : صلاة المنفرد خلف الصف صحيحة مع الكراهة .
مذهب الإمام احمد بن حنبل وبعض الشافعية : يحرم الإنفراد بصلاة خلف الصف .
الدليل : حديث وابصة أنه ( رأي رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة ) وزاد خزيمة في راوية ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) .
وأجاب الجمهور :
1- بأن المراد : لا صلاة كاملة ، لأن اتصال الصف وسد الفرج سنة لا تحرم ولا تفسد الصلاة
بتركها .
2- روي البيهقي من طريق آخر فيمن صلي خلف الصف وحده أنه قال : ( صلاته تامة )
ما يرشد إليه الحديث :
1- اعتبار نية المرء وقصده حال الخطأ ، وتشجيعه علي نية الخير مع تبصيره بالصواب .
2- كراهية الانفراد عن الصف .
3- أنه ينبغي للمصلي الداخل في الجماعة موافقة الإمام علي أية حال وجده عليه