اسمه :
هو النعمان بن ثابت بن زوطى ـــ بالإلف المقصورة ـــ التيمي،الكوفي .
* كنيته :
أبو حنيفة، ولُقِّبَ : بالإمام الأعظم، واشتهر: بإمام أهل الرأي.
* مولده :
عام 80هـ بالكوفة في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، ونشأ في أسرة صالحة غنية.
* بداية حياته العلمية :
عمل أبوه تاجراً مما جعله يتاجر مع أبيه ويختلف إلى السوق ، حتى نظر إليه أحد الفقهاء في السوق فنصحه أن يختلف إلى العلماء ، فقال أبو حنيفة : إني قليل الاختلاف إليهم ، فقال له : "عليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء فإني أرى فيك يقظة وفطنة" .
ومنذ ذلك اليوم وهب أبو حنيفة نفسه للعلم، واتصل بالعلماء في حلقات مسجد الكوفة ، ثم اتصل بحلقات مساجد البصرة ، ولزم أهل الكلام زمنا ثم عدل عنهم إلى الاهتمام بالفقه ، ولازم حماد بن أبي سليمان ليدرس الفقه على يديه، يقول أبو حنيفة: " قدمت البصرة، وظننت أني لا أُسأل عن شيء إلا أجبت فيه، فسألوني عن أشياء لم يكن عندي فيها جواب، فجعلت على نفسي ألا أفارق حماداً حتى يموت، فصحبته ثماني عشرة سنة".
وكان أبوه قد مات، وترك له بالكوفة دكانا كبيرا للحرير، فرأى أبو حنيفة أن يشرك معه تاجرا آخر، ليكون لديه من الوقت ما يكفي لطلب العلم وللتفقه .
* شيوخه :
كانت أكثر رحلاته بين البصرة والكوفة ، وكان يكثر من أداء فريضة الحج حتى قيل إنه حج 55 مرة، وقد مكنته هذه الرحلات المتصلة أن يلتقي بكبار الفقهاء والحفّاظ ويدارسهم ويروي عنهم، وممن التقى بهم من كبار التابعين: عامر الشعبي ت 103 هـ ، وعكرمة مولى ابن عباس ت 105 هـ ، ونافع مولى ابن عمر 117هـ ، وزيد بن علي زين العابدين المتوفى ت 122هـ ، وأخذ العلم عن مائتي شيخ أشهرهم : حماد بن أبي سليمان، وروى عن عطاء بن أبي رباح وهو شيخه الأول ، وعن الشعبي وعمرو بن دينار، ويصل بعض المؤرخين بشيوخ أبي حنيفة إلى 4 آلاف شيخ
* وهو من تابعي التابعين على الأصح وليس من التابعين ،حيث تذكر بعض الروايات أنه التقى بسبعة من الصحابة رضي الله عنهم الذين عاشوا إلى نهاية المائة الأولى وروى عنهم ، وهذا وإن صح أنه التقى بهم فإنه لم يكن في سن من يتلقّى العلم ،لاسيما أنه بدأ العلم في سن متأخرة وأنه انصرف في بداية حياته إلى العمل بالتجارة .
* أشهر تلامذته :
1- القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المتوفى (183هـ) ، وقد خدم المذهب بنشره في بلاد المسلمين وتعيين القضاة من فقهاء الحنفية .
2- الإمام محمد بن الحسن الشيباني المتوفى سنة (189هـ ) ،وهو من جمع المذهب الحنفي في مؤلفاته المعتمدة.
3- زفر بن الهذيل (158هـ )
4- الحسن بن زياد اللؤلؤي ( 204هـ ) .
* صفاته وأخلاقه :
كان رحمه الله حسن الوجه، حسن الثياب، حسن المنطق، قوي الحجة، شديد الذكاء، شديد الكرم، طويل الصمت، دائم الفكر، جهوري الصوت.
وكان يشتري ما يحتاج إليه شيوخه من المحدثين والفقهاء بلا أجر، ويقول لهم: "هذا رزقكم أجراه الله على يدي".
وسَبَّه رجل يومًا وهو في درسه وأكثر من الشتم، فلم يلتفت إليه أبو حنيفة ولم يقطع حديثه، ونهى أصحابه عن مخاطبته، فلما فرغ وقام تبعه الرجل إلى باب داره فقام على بابه وقال للرجل: "هذه داري، إن كان بقي معك شيء فأتمَّه حتى لا يبقى في نفسك شيء"، فاستحى الرجل وانصرف مخذولاً.
* مكانته العلمية :
قال ابن المبارك: "كان أبو حنيفة آية ، وما رأيت مثله في الفقه".
وقال الفضيل بن عياض: "كان أبو حنيفة فقيها معروفا بالفقه مشهورا بالورع، وسيع المال معروفا بالأفضال، صبورا على تعليم العلم بالليل والنهار، كثير الصمت قليل الكلام حتى ترد مسألة في حلال أو حرام".
وقال الشافعي: "الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه" .
* مؤلفاته :
نسبت إليه جملة من المؤلفات ومنها : " مسند أبي حنيفة " في الحديث جمعه أبو العباس بن الأصم ، وكتاب "المخارج" في الفقه، وينسب إليه كتاب "الفقه الأكبر" في الاعتقاد
* محنته ووفاته :
تعرض أبو حنيفة رحمه الله لكثير من المحن والتهم في حياته وبعد وفاته ومن أبرزها :
* زعم بعض رجال الحديث أنه ضعيف الحفظ ، ولكن عدَّلَه أئمة هذا العلم ووَثَّقُوه كابن معين وأبي داود وابن المديني وشعبة ، وردوا على الزاعمين مقولتهم.
*اتهمه بعض أهل العلم بأنه يفضل القياس والرأي على الحديث ، والصحيح أنه رحمه الله جعل الحديث الأصل الثاني له بعد كتاب الله فقال :" إني آخذ بكتاب الله تعالى إذا وجدته ، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات " ، وما كان يتعمد مخالفة الحديث لمجرد الرأي بلا حجة علمية ؛ بل قد صح عنه أنه قال : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " ، وكان يقول عبارته المشهورة : " ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين ..." .
وقد رأى أبو حنيفة ظاهرة خطيرة وهي انتشار وضع الحديث بسبب الصراع السياسي والاجتماعي ، فأراد أن ينجو بدينه منها وينجي معه الناس فتشدد في قبول الأحاديث فلم يسلم عنده إلا القليل منها .
* كان محباً لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت له مواقف في تأييدهم ؛ مما أجج غضب بعض الحكام عليه .
*حلف عليه الخليفة أبو جعفر المنصور أن يَلِيَ القضاء وحلف أبو حنيفة ألا يفعل، وقال: "إن أمير المؤمنين أقدر مني على كفارة أيمانه" ، فأمر بحسبه حتى مات في السجن ببغداد، سنة 150هـ وعمره 70 سنة.